النظرية النقدية التقليدية:
افتراضات النظرية النقدية التقليدية:
ظهرت النظرية النقدية التقليدية في القرن 18 م حيث كان يسود قانون "ساي" للمنافذ أي أن العرض يخلق الطلب, وعليه فإن انخفاض أو زيادة أحدهما عن الآخر سرعان ما يزول وفق آلية السوق أو جهاز الأسعار، ومن هذا التحليل الاقتصادي التقليدي قامت النظرية النقدية في بناء معادلة التبادل على الافتراضات التالية:
1. ثبات حجم المعاملات: حجم المعاملات ومستوى النشاط الاقتصادي يتم تحديده بعوامل موضوعية وأن النقود ليس لها تأثير في تحقيق التوازن الاقتصادي اعتبارا لقانون العرض والطلب وبالتالي وحجم المعاملات يعتبر متغير خارجي لا يتأثر بالمتغيرات التي تشتمل عليها المعادلة وبالتالي يعامل على أنه ثابت خاصة وأن العوامل التي تؤثر في حجم المعاملات ثابتة .
2. ثبات سرعة دوران النقود: نقصد بسرعة دوران النقود معدل متوسط عدد المرات التي انتقلت فيها كل وحدة من وحدات النقود من يد إلى أخرى في تسوية المبادلات التجارية والاقتصادية في فترة زمنية معينة وتقوم هذه النظرية على أساس أن سرعة دوران النقود هي ثابتة على الأقل في المدى القصير ، لأنها تحدد بعوامل بطيئة التغير ومستقلة عن كمية النقود أو بتعبير آخر فافتراض التحليل الكلاسيكي ثبات سرعة دوران النقود على أساس أن تغيرها يرتبط بتغير عوامل أخرى منها درجة كثافة السكان وتطور عادات التعاملات المصرفية والأسواق المالية والنقدية ومع ثبات سرعة دوران النقود ( س ) وحجم المعاملات ( ك ) يتبقى في المعادلة متغيرين هما كمية النقود (ن) في الطرف الأيمن من المعادلة والمستوى العام للأسعار في الطرف الأيسر وتقتصر نظرية كمية النقود على بيان العلاقة بينهما .
3. ارتباط تغير المستوى العام للأسعار بتغير كمية النقود: تقوم النظرية على أن أي تغير في كمية النقود المعروضة سيؤدي إلى تغير المستوى العام للأسعار بنفس النسبة وفي نفس الاتجاه أي أن هناك علاقة طردية بين كمية النقود ( ن ) والمستوى العام للأسعار ( م ) وذلك بافتراض ثبات حجم المعاملات ( ك ) وسرعة دوران النقود ( س ) ومنه ترى النظرية النقدية التقليدية للنقود أن المستوى العام للأسعار السائد في فترة زمنية معينة هو
نتيجة وليس سبباً لمقدار وكمية النقود أي أن نظرية كمية النقود هي دالة كمية النقود متغير مستقل والمستوى العام للأسعار متغير تابع.
يستند أصحاب هذا الرأي إلى منطق معين يتمثل في أن زيادة كمية النقود يعني في واقع الأمر زيادة في وسائل الدفع ، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في الأسعار بحيث يتناسب التغير في أسعار السلع والخدمات مع التغير في كمية النقود ، ويسمى هذا الشكل لنظرية كمية النقود بالشكل الجامد ، غير أن هناك شكلاً آخر من أشكال نظرية كمية النقود أقل جموداً من الشكل السابق بحيث التغير في كمية النقود ليس بالضرورة نفس التغير في الأسعار.
تقييم النظرية التقليدية لكمية النقود
الفرع الأول: الإيجابيات
- توافق النظرية النقدية التقليدية لكمية النقود مع التحليل والواقع الاقتصادي الذي كان سائداً في تلك الفترة من الزمن .
- قيامها على معادلات رياضية في توضيح العلاقة بين كمية النقود والمستوى العام للأسعار كمعادلة فيشر وكامبريدج هذا ما أدى إلى تيسير فهم نظرية الكمية .
- قامت هذه النظرية في إطار تفسير للواقع الاقتصادي الفعلي المعاصر لها فقامت بدراسة وتفسير الظواهر الاقتصادية من خلال بيان تفاعل المتغيرات الاقتصادية الموجودة .
- الاعتماد على الأسلوب العلمي البحت فهي نظرية واقعية تفسيرية وعلمية .
الفرع الثاني: السلبيات ( الانتقادات )
تعرضت نظرية كمية النقود لانتقادات عديدة تناولت الأساس النظري الذي استندت إليه والنتائج التفصيلية التي استخلصتها وتنحصر أهم هذه الانتقادات فيما يلي :
- العلاقة الميكانيكية بين كمية النقود والمستوى العام للأسعار : تقوم النظرية على العلاقة الآلية لتأثير كمية النقود على المستوى العام للأسعار بشكل بسيط في حين أن كمية النقود ليست العامل المؤثر الوحيد على المستوى العام للأسعار فهده الأخيرة قد ترتفع أو تنخفض لأسباب لا علاقة لها بكمية النقود مثلاً تغير المستوى العام للأسعار نتيجة تغير النفقات ، مع تغير حجم الإنتاج وقد تتغير نتيجة لعوامل نقدية لا علاقة لها بكمية النقود مثل حدوث تغير في توزيع الأفراد والمشروعات
لأرصدتهم النقدية على أغراض المعاملات والاحتياط والمضاربة ، كما أن العلاقة بين النقود وبين الأسعار ليست مباشرة أو تناسبية وتعمل في الاتجاهين.
- عدم واقعية افتراض ثبات الحجم الحقيقي للإنتاج : ذلك أن افتراض ثبات حجم الإنتاج يستند إلى افتراض حالة التوظيف الكامل ذلك أنه حتى وإن حدث خلل سرعان ما تعود حالة التوازن ولقد أثبتت الأزمة العالمية للكساد ( 1929 – 1933 ) أن حجم الإنتاج والتشغيل لا يستقر بصفة دائمة عند مستوى التشغيل الكامل وبالتالي فإن العلاقة بين كمية النقود والمستوى العام للأسعار تتوقف على مستوى التشغيل السائد في المجتمع ومدى اقترابه من مستوى التشغيل الكامل فإذا كان الاقتصاد يعمل عند مستوى الإنتاج أقل من مستوى التشغيل الكامل ، وإذا كان يعاني من بطالة في سوق عناصر الإنتاج ويملك طاقات إنتاجية معطلة فإن الزيادة في كمية النقود لن يصاحبها ارتفاع في الأسعار كما افترضت نظرية كمية النقود بل زيادة في حجم الإنتاج والتشغيل حتى يصل النظام الاقتصادي إلى مستوى التشغيل الكامل أو يقترب منه فتبدأ الأسعار حينئذ في الارتفاع مع ملاحظة :
- ارتفاع الأسعار لن يكون تناسبياً .
- هذا الارتفاع ليس بالضرورة ارتفاعاً عاماً .
- عدم واقعية افتراض ثبات سرعة دوران النقود : وهو ما لوحظ في الأزمة العالمية للكساد وأزمة التضخم في الصين كما سبق وتطرقنا لها ، فسرعة دوران النقود يمكن أن تتغير نتيجة لظروف السوق كما أنها تتقلب انخفاضاً وارتفاعاً في ظروف الكساد والرواج.